لماذا انا علماني؟:
نظمت ندوة الوفاء الخميسية لعميدها الشيخ / احمد محمد باجنيد محاضرة بعنوان (( لماذا أنا علماني ؟ )) وهي المحاضرة الأخيرة في الفصل الدراسي الثاني لعام 1427هـ وألقى المحاضرة الأستاذ الدكتور / محمد علي البار ، مستشار الطب الإسلامي ، وأدارة الندوة الأستاذ الدكتور / عائض الردادي ، عضو مجلس الشورى السعودي .
تمهيد
بدأ المحاضر بحمد الله والثناء عليه ، والصلاة والسلام على خير الأنام ثم شكر صاحب الندوة على دعوته الكريمة له ، متمنياً لشخصه الكريم دوام الصحة والعافية ، ثم قال :
لقد تخيلت نفسي أنني ولدت بعيداً عن الإسلام ، أمام طغيان الكنيسة وفسادها ، فلا بد أن أكون علمانياً ، والعلمانية مذهب منتشر في كل بلاد العالم ، حتى البلاد الإسلامية ، ولا سيما بين طبقة المثقفين والمفكرين .
ما المقصود بكلمة (( علماني )) ؟
كلمة [علماني] نسبة للعالم ، وهو مفهوم موجود لدى الكنيسة فالشخص الذي يعيش داخل الكنسية ويلازم العبادة ويداوم عليها يسمى الشخص الكهنوتي – أي مقدساً – ومن هو خارج نطاق الكنيسة يسمى علمانياً .
ونشأ هذا المفهوم في عصر التنوير بأوربا في القرن السادس عشر الميلادي ، أثناء هيمنة الكنيسة على الحياة ، وحدثت تصادمات بين الفكر التنويري بأوربا والكنيسة مما أوجد فريقين متنازعين .
الأول : الكنيسة ورجالها .
والثاني : العلمانيين .
النظرة العلمانية تعتبر أن الإنسان سيد نفسه ، وهو حر الإرادة ، كما ترفض العقائد الغيبية ، واعتماد العقلية كمنهج ، وكذلك العلمية والمنهج التجريبي ، وفلسفة ديكارت هي أساس هذا الباب ٍ[ أنا أفكر إذن أنا موجود ] .
كل العلوم اعتمدت على هذا المنهج التجريبي ، وهو منهج أدى خدمات كثيرة للإنسان ، ولكن المنهج لا يقتصر على المواد العلمية فقط بل تعداها لمواد أخرى كالاجتماع والسياسة ،.....
بطلان الاتجاه العلماني
الاتجاه العلماني يرفض الإيمان بالغيب ، فهو عندهم خارج التفكير العلمي ، وذلك لأنهم يريدون أدلة مادية على وجود الأمور الغيبية ، كما أنه قام أولاً على فكرة [ لا إله ] ، وحدث ما حدث بين هذا الاتجاه والكنيسة .
التصالح بين الكنيسة والعلمانيين
تطورت الأمور بين الكنيسة وأصحاب هذا الاتجاه إلى المسالمة أخذ بقول [ لكم دينكم ولي دين ] وقالوا سنبني دنيانا بالعقل والمنطق والعلم لا الدين فصار الرجل الغربي في حل من أمره يؤمن أولاً يؤمن لا حرج عليه ، لكن نظام الاقتصاد والسياسة والمجتمع .
يجب أن يعتمد على العلم لا الدين ، فالدين في الكنيسة فقط ، ولا دخل له بالحياة ، أي فصل الدين عن منهج الحياة .
وهذا المنهج بدأ يستشري في بلاد المسلمين كتركيا ، وتونس وغيرها .....
الثورة الفرنسية والعلمانية
فرنسا دولة علمانية متشددة في هذا الباب ، فهي ضد الدين ولا تسمح بظهور الشكل الديني في الحياة العامة .
فالدين عندها لا يخرج عن الكنيسة مطلقاً ، وكان شعار الثورة الفرنسية حينما قامت :
[ اشنق آخر ملك بأمعاء آخرقسيس ] .
واشتهرت في أوربا المقولة التي تعبر عن العلمانية وهي :
[ أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله ] .
كما تحولت هولندا إلى العلمانية بعيداً عن البابا ، ووضع نظام فصل الدين عن الدولة ، كما تحولت ايطاليا وأسبانيا والبرتغال إلى العلمانية .
لماذا اتجه الغرب للعلمانية ؟
اتجه الغرب للعلمانية بفضل عدة مؤثرات منها :
1- تأثيرات الحضارة اليونانية الرومانية القديمة ، فهي الأساس الفكري للحضارة الأوربية .
2- التنانك [ المردة ] نتيجة تزاوج الآلهة بالبشر من ضمن هؤلاء :
• برومانتس .
• هركوليز .
و لهما قيمة كبيرة في الأدب الغربي ، حيث تأثر الأدباء الأوربيون مثل [ جوته ]
3- عدم وجود بديل لدى الغرب غير طريق العلمانية فراراً من الكنيسة ومصائبها .
ولكن ما عذرنا في كون بعضنا علمانياً ؟
مداخلات
نالت المحاضرة استحسان الجميع ، وجاءت المداخلات كالأتي :
أثنى الأستاذ / محمد بن علي الأحول [ السفير اليمني ] على المحاضر وعلى مصنفاته العديدة والتي أفاد منها كثيراً .
وقال الاستاذ / عبدالعزيز مهنا ، منت أتمنى أن يتسع الوقت للمحاضر ليضيف مزيداً من اخطاء العلمانية .
الشيخ/ حسيب سنان أثنى على المحاضر وقال : إنه أهدى إلي قديماً كتابه (( خلق الإنسان بين الطب والقران )) .
كما رحب الشيخ / أحمد باجنيد بالمحاضر والحضور .
الأستاذ / حسين محمد باجنيد ، قال نظرية [ المادة لا تفنى ولا تستحدث ] نظرية تعلمناها منذ عشرين عاماً ، وهذه النظرية تصطدم مع الدين لأن المادة مخلوقة ولها نهاية .
وتدخل الدكتور / يحيى أبوالخير بقوله : - نحن نعتقد أن العلمانية الحديثة بدأت مع كتابات ديكارت ، وفرانسيس باكون ، وجون لوك ، الذي قال بتقدم العقل على الوحي .
وأضاف الدكتور / عبدالرزاق اليوسف ، التوراة البابلية أقدم من التوارة اليونانية وهذا يعكس ما لدى الفكر اليهودي من حب للسرقة والسطو على مقدرات الآخرين .
وقال الأستاذ / حمد المهدي : العلمانية في الهند كانت مفيدة حيث سمحت للمسلمين ببناء المساجد والمدراس الدينية .
كما شكر الشيخ / محمد بافضل المحاضر ، قائلا: لقد وفى وكفى في بيان زيف العلمانية وبطلانها .
واقترح الأستاذ/ محمد المالك أن يسمي العلمانية في بلادنا ملحداً لا علمانياً لأن الإسلام يدعو للعلم .
وتساءل الدكتور / محمد الصالح عن نقاط الاتفاق والاختلاف في حوار الأديان .
وقال الدكتور / محمد الهواري : إن مجمع الآلهة اليوناني ليس جديداً عند اليونان ، فقد كان موجوداً عند السوماريين والفراعنة .
وأضاف الدكتور / عدنان النحوي ، أن الأنبياء جميعاً كانوا مسليمن لذلك لا توجد ديانات مختلفة ، إنما هي رسالات لدين واحد هو الإسلام .
وعلل انتشار العلمانية في بلاد المسلمين بسبب الاستعمار والشركات الاستثمارية ، ولا عذر لأحد عبد الله يكون علمانياً كما تمنى الدكتور / عبدالقدوس أبوصالح أن يؤلف المحاضر كتاباً عن التوراة والإنجيل .
ردود
شكر المحاضر المداخلين وقال :
- التوارة والتلمود ، تأثرتا بالأمم المحيطة بها جميعا لا اليونانية فقط .
- [ المادة لا تفنى ولا تخلق من العدم ] هي فلسفة غربية علمانية في الأصل.
- عدد كبير من علماء المسلمين يسعون لأسلمة العلوم وهو جهد يحتاج لمزيد .
- أوربا استخدمت التنصير بكثرة في بلاد العالم الإسلامي .
- نحن نفضل الهند علمانية لآن ذلك في صالح المسلمين الهنود .
- الدولة الإسلامية كان بها عدد من الأطباء اليهود وغير المسلمين وهو يوحي بأن الدولة الإسلامية كانت منفتحة على الآخرين .
- المسلمون في كل العصور كانوا أهل سلام وأمان دون تدمير أو تخريب .
وفاء من ندوة الوفاء
كرمت ندوة الوفاء بقيادة عميدها الشيخ / أحمد باجنيد ، الأستاذ الدكتور / محمد الهواري ،
وذاك لانتهاء إعارته بالمملكة وعودته إلى مصر ، وقال الشيخ / أحمد باجنيد .
إن الدكتور محمد الهواري ، أفادنا بعلمه ومداخلاته وحواراته وإدارته للندوة ، وهو مثال للعالم الجليل ، صاحب النفس الطيبة والخلق الحسن ، والعلم الغزيز .... ثم قدم له الشيخ أحمد باجنيد درع الندوة تكريماً له .
وقال الدكتور / محمد الهواري ، إن الكلمات لا تسعني لتعبر عن مدى سعادتي الغامرة وحبي الشديد لهذه البلاد العامرة وتقديري لكل شخص فيها قيادة وشعباً ، واني أدعو الله أن يحفظ المملكة من كل شر وأن يطيل عمر خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين وأن يمتع صاحب الندوة بالصحة والعافية .
أشعار
ألقى الأستاذ / حسين باجنيد ، قصيدته [ أنا بالحب في ربيع شبابي ] .
كما ألقى الشاعر جميل الكنعاني قصيدة [ وداع ] تكريماً للدكتور محمد الهواري